What do you think?
Rate this book
163 pages, Paperback
First published January 1, 1923
بعد الاحتلال الإنجليزي لمعظم فرنسا في بداية القرن الخامس عشر بدا الفرنسيون غير قادرين على كبح جماح المغامرة الإنجليزية و بدا الملك الفرنسي لا حول له و لا قوة إلى أن جاءت جان دارك فأدارت الدفة و حولت الحرب من حرب نبلاء يستمتعون بالكر و الفر و الفداء لحرب يتم تعبئة الشعب فيها للدفاع عن فرنسا و إستعادة التراب الوطني المقدس.
إنك لا تفهم يا سيدي. إن جنودنا يُغلبون لأنهم يحاربون لخلاص رقابهم و الإفلات من الموت. و الهرب أقصر الطرق إلى النجاة. و فرساننا النبلاء لا يفكرون إلا في مال الفداء. فالحال معهم (ندفع أو تدفعون) لا (نُقتل أو تُقتلون). فسأعلمهم كيف يقاتلون حتى تكون مشيئة الله في هذا البلد الأمين. و عندئذ يطردون الإنجليز من فرنسا طردا. و يسوقونهم كالخراف سوقا. و ستعيش أنت و يعيش بولي لتريا أرض فرنسا و قد خلت منهم أجمعين. فلا يكون فيها إلا ملك واحد. ليس هو الملك الإنجليزي الإقطاعي. و لكن ملك الله الفرنسي.
احذر أن يفت في عضدك ما تسمع من القوم حولك. إن الملابس الجميلة و الكسى الفاخرة لا تملأ فراغ الرؤوس الخاوية. إن لي خبرة بالناس. بالناس الأصليين. برجال الشعب الذين يصنعون لك خبزك. فاعلم مني أن هؤلاء لا يعدون الرجل ملكا حتى يصب الزيت المقدس على رأسه. و حتى ينصب و يتوج في كتدرائية رانس.و برغم أن البروتستانتية لم تكن قد ظهرت بعد إلا أن جان دارك كانت من أهم ارهاصاتها. فهي تفسير الدين بمعزل عن الكنيسة و تقود الجماهير بغير إذن الأسقف و تتلقى الوحي دون تكريس أو قداسة و تخاطب الله بنفسها دون وسيط و تتلقى منه الأوامر و البشارات و ترسل الرسائل بإسمه إلى الملوك و الأكابر كما فعل محمدا من قبل. و من هنا جاء خوف الكنيسة على سلطانها في الأرض و سيطرتها على جموع المسيحيين. كما خاف النبلاء و الإقطاعيين أيضا من تنصيبها للملك راعيا للشعب و مالكا للدولة و متوجا من الله مباشرة ففي هذا إذلال لهم و جعلهم خدما للملك و رعية له مثلهم كمثل باقي الشعب بعد أن كانوا يعدون نفسهم شركاؤه في الحكم و الجاه و النبالة. و من هنا جاء تحالف الكنيسة و الإقطاع على جان دارك و تسليها للإنجليز لإحراقها بتهمة الهرطقة و الزندقة و حتى بعد تكريمها و تطويبها قديسة بعد نحو خمسة قرون فإن برنارد شو يكاد يجزم بأنها ستحرق مرة ثانية و ثالثة و إلى الأبد إن تم بعثها من جديد فتلك هي سنة الحياة.
يا مولاي الأسقف. إني لا أناقض ما تقول. إن الكنيسة لا شك ستتبعك. و لكن لابد أن يتبعك الأشراف أيضا. و في رأيي أن في الإمكان اتهام الفتاة تهمة هي أشد من التهمة التي شرحتها هذا الشرح القوي. إني أفضي لك بقول صريح: إني لا أخشى أن تنقلب هذه الفتاة محمدا. أو أن تحل محل الكنيسة بسبب زندقة كبرى. إنك تبالغ في خطرها. و لكن قل لي هل وجدت فيما تبعث الفتاة به من الكتب إلى ملوك أوروبا أنها تعرض عليهم صفقة سبق و أن عرضتها و فرضتها على شارل. صفقة لو أنها تمت لهدمت كيان المجتمع في كل بلد من بلاد المسيح.