ŷ������

وهكذا جرت مقادير الأمور ، تحدث المشاكل دائما،

نيقولاي غوغول الاديب الكبير في هذه القصة لايأخذ الأمور بجدية ، يحاول إضفاء روح الهزل بدون معنى بالضرورة ، ولكل امة طريقتها في الاضحاك، فقط خذه بحلمك..

نحن في هذه القصة القصيرة مع موعد مع حادثة مؤسفة لضياع انف الرائد كوفاليوف، يهرع الرائد خارجا للتبليغ عن فقده للأنف الذي ادرك لأول مرة أهميته الشديدة بالنسبة له، فجأة يراه بالصدفة فيحاول اقناع الانف بالرجوع له لأنه من ملكيته، فيجد الانف الذي يرتدي بدلة رسمية برتبة عالية يستغرب منه طلبه هذا ويقول انه لا ينتمي له، يغادر الانف فيطارده الرائد فيفلت منه ، يرجع الى منزله فيفاجئ بأن الانف قد عثر عليه !

هل عثر عليه كبيرا يلبس بدلة ويمشي في الشوارع كما رآه للتو ؟!
"لا لا .. هذا غير معقول" .. يقول الضابط الذي احضر الأنف واحضر سارقه
انه صغير وعلى حاله ويمكنك ان تلبسه.. أقصد تلصقه، اما السارق من يكون ؟! اسمه ايفان وهو حلاق الرائد الذي يحلق له دائما


في الحقيقة ايفان المسكين ليس سارقا.. هو عثر على الانف في طعامه، وعرف انه انف الرائد، لكن لأنه لا يعرف كيف يتعامل مع مشكلة كهذه فحاول ان يتبع أسلوب الفقراء في التخلص من المشكلة دون التفكير بحلول مثلى.. فقام برمي الانف في النهر كي لا يسائله احد، ولسوء حظه المعتاد فقد امسكه الضابط

"لماذا سرقت الانف يا ايفان ؟!".. يقول الرائد

ايفان لا يعلق.. ولا يجب ان يعلق.. كان لا بد لأي مشكلة في العالم ان يتحمل مسؤوليتها شخص فقير من امثاله
حسنا هذا غير مهم دعنا نضع هذا الانف المشاكس على وجهك أيها الرائد
ما هذا انه لا يلتصق! من السبب يا ترى؟ يفكر الرائد ويفكر، هو دائما يبحث عن معنى وتفسير

وجد تفسيرا منطقيا.. ربما هي تلك المرأة التي تريدني أن اتزوج ابنتها
أرسل رسالة لها يتهمها بانها السبب في مشكلته .. وبالمناسبة غريب كيف يتحدث الروس لبعضهم البعض،
من الغريب ان تكتب لشخص رسالة تتهمه فيها بالسحر والشعوذة وتغلفها بكثير من التحية وكلمات التعبير عن الاحترام
فترد عليه رسالة يفهم منها انها لم تأخذه على محمل الجد وأنها لازالت ترغب بأن يتزوج ابنتها


وهكذا جرت الشائعات بأن الانوف قررت الانفصال عن أصحابها المتغطرسين بلا فائدة، ربما سيكون لها فائدة أفضل لو كانت لحما شهيا في طبق انسان فقير، او ان كان ولا بد.. يمكنها ان تكون انوفا مستقلة وستكون بالتأكيد أقدر على تقلد المناصب الرفيعة فكلنا نعرف أنك لا تحتاج الا الى انف شامخ كي تقوم بمهام عالية المستوى..

لحسن حظ الرائد ان الشائعات كانت مجرد شائعات، فها هو قد استيقظ ذات يوم وانفه قد عاد اليه، يا للسعادة ..
انتهت القصة على فكرة

حسنا، يوجد نفس التوجه الذي رسمه غوغول في الانحياز للفقراء وللنقد السياسي والاجتماعي، في القصة نرى توثيقا للحياة العادية في روسيا قبل قرنين تقريبا.. عرضا يبعث على التأمل بشكل عام

يقال.. في الرواية تنتهي من الرواية عندما تقرأ اخر صفحة، اما القصة القصيرة فتبدأها بعد ان تنتهي من قراءة اخر صفحة
لا اعرف هل انا الوحيد الذي كان يشعر طول قراءة القصة بالتوتر وعدم الراحة والرغبة في التوقف، وعندما انهيت القصة وفكرت فيها وجدت انها تستحق ان تُقرأ.. تبدو القصة اعتباطية.. ولو قلتها لاحد المراهقين لضحك من سخافة محتواها.. ولكن هذا هو الأسلوب الادبي.. يتعمق في الشيء العادي بصورة غير عادية