ŷ

Hanan Farhat's Blog, page 4

April 17, 2020

خسارة!



أكتبُ الآن لأن لديّ مئة مهمّة يجب أن أنهيها غير الكتابة. لكن ما لذة الكتابة إن لم نقتنصها من مشاغلنا اقتناصاً؟ 
ترنّ في أذني منذ الصباح الباكر جملةٌ قالها أستاذ لي ولزملائي في الصف التاسع الأساسي، أي منذ 11 سنة تقريباً - مجدداً، أفكر في الماضي لأنني يجب أن أبقى حاضرة الذهن هنا في الحاضر تماماً-. "إن رسب أحدكم هذه السنة، سيؤخر تخرجه من الثانوية سنة كاملة. وبالتالي، فإنه سيخسر سنة كاملة هناك. سيسبقه الزمن. سيتخرج من الجامعة متأخراً سنة. سيلتحق بعمله بعد سنة. سيتزوج بعد سنة. سيخسر راتب عام كامل. ستتأخر علاوات عمله. كل ذلك بسبب هذه السنة. تفكّروا كم خسارة سيكلّفه ألا يضع كامل جهده في اختبار نهاية العام!"
علقت تلك الجملة في رأسي. صرتُ أشفق على المتأخرين. أفكر كيف سيكون شعورهم حين ينضمّون إلى صفٍّ طلابه أصغر منهم. كيف سيكون عامهم مع من هم أقلّ مرتبة في سلّم الوصول.  صرتُ أُعمِل نفسي جاهدةً كي لا أخسر الوقت. أتطلع دائماً إلى الفرص التي ستأتي في وقتها تماماً. لن تتأخر ولن تتقدم قيدَ أنملة. حيت وصلتُ إلى الجامعة، لم يكن هنالك متسع من الوقت كي أرسم تفاصيل مستقبلي، لكن ذلك لم يكن مهماً بالنسبة إليّ. المهم أن أبدأ تماماً في الوقت اللازم. أن أنهي في الوقت اللازم. 
كانت عوارض الالتزام بالوقت تستفحل. بالرغم من ذلك، كنتُ أشجع من أراه متأخراً على المُضيّ قدُماً. كنتُ أفكر في أن السير مهم للوصول، مهما كان الانطلاق متأخراً. لكنني لم أستطع أن أقبل ذلك على نفسي.  درستُ تخصّصين في ذات الوقت، وسمحت لنفسي بأن أتأخرسنةً في إنهاء أحدهما لأنّه "اختصاصٌ ثانٍ" ولا يجب عليّ الانزلاق إلى جلْد ذاتي. 
ذاتَ مرة كنتُ أتصفح فيسبوك، وإذ بمنشور يهاجم أحد الأشخاص لكونه يستعلي على الآخرين لكثرة ما جمع من علوم. كان بمثابة صفعة لي حين ظننتُ أنني أحسنت صنعاً: "اعمل لتأكل بينما تتعلّم، اعمل لتُعيل عائلتك بينما تتعلّم، اعمل لتؤمن دواءك وأنت تتعلم، ثم افخر بنفسك".  
توالت الأيام. رأيت الكثير من المتأخرين (وفقاً لرسوبهم سنةً أكاديمية) يتجاوزونني وغيري. يختارون طرق حياتهم بشغف، ويتعاملون مع قراراتهم برويّة فيحققون ما يصبون إليه، فيما يعلَق الكثير من المتقدمين الناجحين عند خيار أو اثنين من الخيارات، فتتأخر مشاويرهم الحياتية.
مع الوقت، تلاشى وهج الجملة. 
عرفتُ أن ذلك الأستاذ كان يظن أنه يحفز الطلاب للنجاح، ولكنه زرع فيهم خوفاً أكبر، ونفخ كليشيهاتٍ مجتمعية في أذهانهم ستزيد الفرقة مع الوقت، وتوقع الخلافات. بعد 8 سنوات  ونيّف من تلك الجملة، صرتُ مُدرّسة.
عرفتُ أن الخسارة الأكبر، هي أن يتذكرك طلابك في سياقٍ سيء الذكر، بدل أن يذكروا كلمتك الطيبة.
تعلمت أن السنةَ الأكاديمية ليست معياراً للنجاح أو الوصول. من وجد شغفه في مهنة قد لا يرغب بالتعلم الأكاديمي، ومن لديه وظيفة يستطيع الدراسة على مهل إن أحبّ، ومن يرغب ببناء أسرة يستطيع أن يجدول تعلّمه على أساسه. من يرغب بأخذ سنة أو نصف ليحدد خياراته أو ليأخذ نفساً أو ليؤمن القسط ليكمل علمه ليس متأخراً. 
والأكثر من ذلك كله، إن من يتأخر بسبب ظروف عائلية أو صحية أو كارثية كالحرب ليس متأخراً، بل هو متقدم جداً، لا ولن يسبقه حاملوا الشهادات، فالآلام والدروس الحياتية لا تدرّس في المعاهد، وأقساطها باهظة جداً، لا يرغب أحدٌ في دفعها.
صادفتُ طلاباً لي في مثل سنّي وآخرين أكبر. هذه التدوينة تحيةٌ لهم ولزملائي الذين اضطروا يوماً ما لأن يسيروا بمثل ما يتطلب المجتمع لا بمثل ما يقدرون عليه.
حنان فرحات | 2020
 •  0 comments  •  flag
Published on April 17, 2020 07:14

April 1, 2020

الطاعون

إنه الطاعون على الأبواب.أغلِقت أبواب المدينة الوادعة على ساكنيها فأصبحت سجناُ كبيراً ، فيما صارت البيوت سجوناً صغيرة. أما الأضيق، فأسرّة المشافي، ومجاري الأنفاس. وأما الأطول والأصعب فالمشوار إلى الموت. زادت المدينة قبحاً، وذبل الربيع على طرقاتها، وصارت الفلسفات الملاذ الوحيد لفهم ما يحصل. ربما ليست قبيحة، تلك المدينة المتكئة على كتف الشاطئ. لكن ألبير كامو كان يراها كذلك. شخصياته الأرقة، القلقة، كانت تسير حيناً، وتضرب حيناً آخر، وتذهل أحياناً أخرى. كيف لمرضٍ بائسٍ أن يزحف كلحافٍ سميك فيرفع حرارة الناس ويضيق عليهم في أحرّ أيامهم. كيف للقدر أن يحوّلهم في لحظة إلى متأمّلين فيما كان من قبلُ من أحوال الحب واللقاء والفراق؟ كيف له أن يجعل التفكير مهنة، والفرح عملاً، والحزن عادة؟
ينسلّ الطاعون بهدوء إلى وهران الجزائرية، يكتب ألبير ما يرى بالتفصيل حتى لتشمّ رائحة الورد والكحول وتشارك في المآتم وتحضن الأحباء بعد اللقيا، في كلماته الكثير من المشاعر الجياشة، لربما يعود ذلك للغة الأصلية التي كتبت فيها الرواية، لكن سهيل إدريس أبدع في ترجمتها فلا تعرف أن لها أصلاً غير العربية. 
 قد يملّ البعض عند قراءتها، وقد يستصعب البعض مفرداتها. لكنني أحببتها بقدر ما آلمتني.
* يفسر البعض الطاعون سياسياً فيعتبرون أن ألبير إنما وصف دخول النازيين إلى فرنسا بالطاعون، وآخرون اعتبروا أن الطاعون مجرّد وصف شامل لكل شر قد يحل على البشر.
*ولد ألبير كامو لأم اسبانية مصابة بصمم جزئي وأب فرنسي توفي في صغره، له أخ أكبر، تزوج مرتين ثم لم يؤمن بالشراكة الزوجية، له  توأم من زوجته الثانية، توفي في حادث سير وهو بعمر ال46 بعد سنتين من نيله جائزة نوبل، وجد في محفظته مخطوط غير مكتمل عن سيرت الذاتية* كتب ألبير كامو الناشئ في بيئة فقيرة في الجزائر روايته الطاعون إبان الاستعمار الفرنسي للجزائر، تفوق في دراسته واستحصل على منحة لإكمال تعليمه في الجزائر حيث درس الفلسفة
*لم أحب في الكتاب بعض النفحات في الترنح بين الإلحاد والإيمان ولكنني أتفهم وجودها

حنان فرحات ¦ ٢٠٢٠

1 like ·   •  0 comments  •  flag
Published on April 01, 2020 05:53

March 23, 2020

صلاة تشرنوبل


عام ٨٦؛ انفجر مفاعل نووي في منطقة تشرنوبل، وذلك في الاتحاد السوفيتي سابقاً. لم أكن قد ولدت بعد. ولا شك أن آثاره باقية حتى اليوم.
سمعت عن الانفجار بالصدفة، حيث أن أحدهم اقترح علي كتاب #صلاة_تشرنوبل، وقبل أن أبدا بالقراءة بحثت قليلاً عن الموضوع، فذهلت.

تكتمت السلطات على الانفجار. أخذت القيادات الاحتياطات فيما تركت الشعب بالعراء مع الاشعاع وجهاً لوجه. لاحقاً تم إخلاء بعض المناطق. أرسل عمال لطمر المنطقة بأسرها دون وقاية أو حماية. أرسلوا مقابل راتب أعلى، وشهادات تفوق وميداليات بطولة. في بعض الأحيان، لم يعط المسؤولون الكمامات للعاملين كي لايخافوا من التدابير فيستنتجوا خطورة الوضع ويتراجعوا عن العمل.
ظل العالم يترنح بين الشائعات فترة قبل أن تبان الحقيقة.

***

لا يجب علينا أن نقيّم مجزرة بهذا الحجم. عتبي على متوالية المونولوجات. إلا انني أفهم جيداً أن كل صوت تعرض لهذا الظلم يستحق أن يسمع.

بين لحظة وأخرى تمنع من لمس الأزهار، الجلوس على العشب، حضن قريب أو صديق أو زوج. يصبح أهالي تشرنوبل علكة في فم المتفلسفين وحالات هجينة بين يدي العلماء. يصبح عليك أخذ تدابير صارمة، تشرب اليود، أو يحترق داخلك بفعل الإشعاع.
كل ذلك، والسماء صافية. الأمطار وحدها تكشف الألوان المخبئة بالأفق.
ماذا حصل.
ينكر الكثيرون ذلك الانفجار. كل شيء على ما يرام. لكن الواقع أن المفاعل النووي لم يكن على ما يرام، ولا حتى الكرة الأرضية بأسرها.

تأتي قراءتي لهذا الكتاب ضمن موجة فيروس Covid-19 الأولى. أفكر؛ هل سيكتبنا أحد؟ هل سنحتاج أفلاماً تجسد واقعنا؟ هل سينسى أحد أننا محجورون منزلياً، نفكر في كل شيء قبل أن نلمسه؟ نعقم كل شيء بعد أن نشتريه؟ نقلق ضعفين على البعيدين؟ هل سينسى أحد خساراته؟ وهل سيطغى الإنسان بعد تجلي ضعفه أمام فيروس مايكروسكوبي؟

حنان فرحات ¦ ٢٠٢٠

 •  0 comments  •  flag
Published on March 23, 2020 01:29

March 9, 2020

"عدوّ خارجي"



في الحرب لا مكان للحياد، بإمكانك أن تكون إما القاتل وإما القتيل. أما مفهوم الشهادة فيُوزعه المُعَزّون. يقسمون الوفيات على مساقات الثواب والعقاب، وإن احتاروا فأنت "لك ما لك وعليك ما عليك"، وما عليهم إلى أين أنت ذاهبٌ أو ماذا فاعلٌ ربك بك. 
حملتُ أمتعتي وقفَلتُ عائداً إلى بلدي الأمّ. قررت أن أنتظم في صفوف الجيش وأؤدي خدمتي العسكرية بعد أن أمضيتُ حياتي هارباً منها، "متخلّفاً عنها". كان الوطن يُخيّل إليّ في المنام كل ليلة، كما لو أنّه نهاية درب طويل. وكنتُ أعيش في نصف غربةٍ حيث أحمل جنسيتين، لكنّ الفيء في البلد الثاني لم يحوّله وطناً. بقيت الغربة معشّشة في قلبي، والشوق يعبث في فؤادي إلى أن جاء الخبر بغتة متنكّراً بثوب الفرج. إعفاء للمتخلفين عن الخدمة العسكرية من عقوباتهم في حال قرروا الانتظام قبيل انتهاء المدة المذكورة. وهكذا كان. بعد سنواتٍ من الكرّ والفرّ، عدت إلى أحضان وطني، وانتظمتُ كمراهقٍ قرر أخيراً الانصياع لتوجيهات زوج أمه. 
عشرون يوماً وانتهى الصراع. طائرة "العدو الخارجي" التي كنتُ أدعو لها في الغربة أكملت مهمّتها حين وصلتُ، فأفرغت ثقلها علينا بحكم كوننا موقعاً عسكرياً. جفّت مشاعري ودعاءاتي، وصرتُ رماداً أحرقته الحرب بعد أن أحرقه الشوق. لم أعد أرى في المنام الوطن، فقد صرتُ منه، ولم أعد أهاب المستقبل، فقد صرتُ فيه. وأمّا مقعدي من النار أو الجنة فقد تهافت عليه المنظّرون، ولكنّ ربي لا ينتظر رأيهم. 

حنان فرحات | 2020*المقال لا يعبّر عن رأيي الشخصي بل يمثل وجهة نظر كانت غائبة عن المشهد
 •  0 comments  •  flag
Published on March 09, 2020 02:14

March 2, 2020

مثل الواقع


إنهم يصورون حيواتهم في الأفلام، لكننا دائماً نحصر ما نشاهد ب"صندوق الدنيا". حين رأيت حقل الذرة ذاك، استلزم الأمر معركة حتى آخذ هذه الصورة حيث يحفّها طريق سريع لا رصيف له. كانت الإثبات المميز حتى إذا خانتني ذاكرتني لاحقاً أستشهد بها.بيوتهم كما في الأفلام، شوارعهم، إشارات المرور، بيوت الفلاحين، حتى أشكالهم. بقيتُ مشدوهة لمدة من الزمن؛ هذا يعني أننا نستطيع بكل راحة ضمير أن نقول : أفلامهم كالواقع، حتى لو اختلف عن واقعنا.
حنان فرحات ¦ ٢٠٢٠الصورة من صيف ٢٠١٩
 •  0 comments  •  flag
Published on March 02, 2020 23:50

زهر اللوز


" يمكنك أن تقول إنني معلّقة، لكن بعض الأشياء جميلة بالحيرة التي يولّدها انعدام توازنها، كزهر اللوز مثلاً، لا لونُهُ واحد، ولا وجوده دائم، ولا موقعه في الهواء ثابت..ولو جئت تبرر ثبوته بثبوت أصله، فللنسيم الذي يحمل ريحه أن يشد من عزم قبضته قليلاً فيقتلعه.. لكنّ ذلك يختصر لاحقاً بكلمة أو اثنتين: بَرَدَ الزهر! وهل أقسى من البرد على الرّقّة؟ وهل أكثر حزناً من الصفعة التي تتلقاها الوريقات من حامل مِسكِها؟ لكنّ ما يهوّن الأمر مآل الزهر المحتّم، فهو إما إلى ثمرة فَيَدٍ ثم فمٍ إلى معدة، أو إلى برد فيهوي كالفؤاد المكلوم. وفي كلتا الحالتين،.. أظن أن عليك أن تنسى كل ما أسرفتُ في وصفه، ماذا كنا نقول؟ أنني كزهر اللوز، معلقة، وبعض الأشياء جميلة بالحيرة التي يولدها انعدام توازنها."
حنان فرحات | ٢.١٨
 •  0 comments  •  flag
Published on March 02, 2020 23:00

January 30, 2020

وجبة سريعة





أوصل طلبيته الأخيرة إلى زبون أصابه الجوع مع بزوغ الفجر، ثم أكملَ إلى منزله شبه غافٍ. ضحك من سخرية الحال؛ يوصل أشهى المأكولات ساخنةً بأسرعَ ما يمكن كي يُبقي على علاقة الزبون بالمطعم مميزةً، متحمّلاً مزاجيّتهم في اختيار توقيت تناول الطعام، وقلة ذوقهم أثناء استلامهم الطلبيات في كثير من الأحيان، وحتى أسئلتهم الحشرية أو نكاتهم السخيفة، لكنه حين يقفُل عائداً إلى وَكرِه مع بداية النهار، صديقُه الوحيد السّاهر هو الجوع، يجد نفسه يغلي كوب ماء يسكبه فوق وجبة المعكرونة سريعة التحضير ويتناولها بِنَهم قبل أن يَنكَبَّ نائماً على وجهه من فرط النعاس. 
يزعجه العمل في الليل كثيراً ولو أنَّ الناس في ذلك الوقت الحساس يصبحون أسخى، حيث إن كرامته لا تسمح -بكلّ الأحوال- أن يتقاضى البقشيش زيادة عن كلفة الطلبية بالرغم من الزيادة الملحوظة التي تُحدِثها على مدخوله. تبدو فكرة تقاضيها عبر التطبيق مباشرةً عند طلب الزبون ألطف؛ كما لو أنّ البقشيش يكون للمطعم بذاته، لا له. في هذه الحالة، لا يقلّ المبلغ أو يزيد حسب وسامته أو لُطفه، بل حسب مزاج وقُدرة الزبون. 
يتساءل أحياناً عن آرائهم به، أو الأفكار التي تجول في أذهانهم حين يفتحون له الباب بلهفة. يوقن أن اللهفة للوجبة التي يحملُ بعناية، لا له على وجه الخصوص، ولكنّه كان قبلُ ممن يطلبون الطعام إلى المنزل مع خدمة التوصيل –حصرا� حين كان يضطر-. بالطبع لم يكن يطلب الطعام ليلاً، لكنّه –حي� كان يطلبه وحيداً- كان يفكّر في مدى الحاجة التي تجعل شخصاً يُسخّر وقته لتلبية طلبات أناسٍ لا يعرفهم مقابل بدل مالي. ولو زادت مدة الانتظار، كان يرسمُ في مخيلته سيناريوهات عديدة لحيوات عمّال التوصيل. ربما معيلٌ لأسرة فقيرة، أو ابنٌ بكرٌ يتيم، أو طالبٌ يؤمّن مصروف جامعته. لم يتخيل يوماً أنه سيكون المرسوم في خيال أحد الزبائن بينما يوصل بنفسه الطلبية إليه. 


حنان فرحات | 26-12-2019
1 like ·   •  0 comments  •  flag
Published on January 30, 2020 13:33

January 11, 2020

طابة

كالنيزك يضرب الأرض دونما استئذان، هوَيْتِ من السماء كأنكِ مطر السماء، ولم يحلُ لكِ أن تهبطي إلا على وجهي.
لا ضيرَ يا آنسة طابة، لكن خير الضيوف المستأذنون. مالَك تعبثين بوجهي كأنه عدوك اللدود، وتتركين آثار أصابعك على خدّيّ كالطفل اللعوب، لا يفقه الجدّ من المزاح!
#حنان_فرحات ٢٠٢٠#تمرين_كتابة 
 •  0 comments  •  flag
Published on January 11, 2020 12:20

وصْفُ طابة تهوي على وجهك

كالنيزك يضرب الأرض دونما استئذان، هوَيْتِ من السماء كأنكِ مطر السماء، ولم يحلُ لكِ أن تهبطي إلا على وجهي.
لا ضيرَ يا آنسة طابة، لكن خير الضيوف المستأذنون. مالَك تعبثين بوجهي كأنه عدوك اللدود، وتتركين آثار أصابعك على خدّيّ كالطفل اللعوب، لا يفقه الجدّ من المزاح!
#حنان_فرحات ٢٠٢٠#تمرين_كتابة 
 •  0 comments  •  flag
Published on January 11, 2020 12:20

طيف الغمام

مرّت العملية بسلام.
مضت دقائقَ تفكّرٍ تحت جهاز معقد، لا يدرك المرء إلا ضوءه ورائحة احتراقٍ طفيفة ثم ينقشع الضباب وتتضح الرؤية؛ كأنما انقشع الغمام.
من كان يتخيل أن سنواتٍ قُضيت بصحبة النظارات الطبية ستؤول إلى الزوال، ويحلّ محلّها نظر سليمٌ تبرز فيه التفاصيل وتنجلي له آيات الجمال.
كانت أولُ فرحةٍ لمّا بزغ الصباح. فتحت عيني. ممنوع عليّ فركهما. رفعتُ رأسي عن المخدة ليسبح نظري في الغرفة. إنني أرى الساعة بوضوح على بعد مترين! كم يبدو شريط الأخبار لطيفاً بخطّه الصغير بعد ذلك! ولِمَ لم أنتبه يوماً أن الشجرة في دار منزلنا جميلة إلى هذا الحد؛ كثيفة الأوراق والأغصان. لكن لا يخفى على أحدٍ أن الإعلانات على جانبي الشارع أصبحت مزعجة. 
لقد أبهت ضعف البصر كثيراً من التفاصيل البديعة، وكان عوناً على غيرها، ثم أصبح فيما بعد سبباً في استشعار قيمتها واستذكار وجودها كل فينة.
مرت العملية بسلام، اتضح فيها البصر وتقوّت فيه البصيرة؛ كم من ما لا نراه وفيه الحلاوة، وما نراه وفيه البلوى. وكم من عابر سبيل يرى، وناظرٍ لا يرى.
#حنان_فرحات ٢٠٢٠ #تمرين_كتابة ١٢
 •  0 comments  •  flag
Published on January 11, 2020 12:13